إذا فقد الشاعر صَديقاً عزيزياً توقف كل شئ لديه حتى نبضات قلبه وسَريَان الروح في جسْمه ونسي كل شئ حوله وانتقل بجميع إحسَاسَاته وشعوره إلى مثويى الفقيد وظن أنه يساكنه ويحادثه بكل لغه إلا بلغة الشعر لانها تختفي وتتلاشى وتفقد قدرتها على التعبير لأن المصاب يُحْدِث فوضى كبيرة بين الأوزان والقوافي والمعاني والموسیقی وأنا كشاعرلا أستطيع أن أعبّر عن شعوري في هذه الفَترة الحَرجَة إلّا بقولي رحم الله أخي وصَديقي ورفيقي في درب الحيَاة الشاقة “عتیق بن نما الجعيد” الذي كان رمزاً للصدق والوفاء والرجوله والكفاح :
* * * *
ياصديقي قد كنتَ أوفي صديق
وعلى دربنا الكؤد رفيقى
تملأ الرَّوض نَرْجِساً ووروداً
ثمَّ تنمو على الودادِ الحقيقي
كنتَ فينا مبرزاً وجوَّاداً
تحتوينا بوصلِ حُبٍ وثيقِ
باسم الثغرتملأ القلب بشراً
وحياة لكل معنى عربيق
هل كرهت البقاء فينا لأنَّا
نزرع الرمح في الفؤاد الرفيقِ
هل أسَأنَا إلى محيَاك حتى
يسكن القبر بعد ذاك البريقِ
كيف أرثيكَ أنت فوق رثائي
وقصيدي لِمُهْجَتِي كالحريقِ
كيف أبكيكَ أنت فوق بكائي
لا زفيري بنافعٍ لاشهيقي
طرتَ للعالم الحيب عقاباً
وأنا في مشاكلي كالغريقِ
یا “عتيق” ودعته بدموعي
أنتَ من عالمِ “البَلا” كالعتيقِ